أصوات كويرية من السودان....نوثق الماضي و نبني
المستقبل !
أصوات كويرية سودانية مشروع يهدف الى توثيق التاريخ الشفاهي للمجتمعات الكويرية في السودان
مقدمة:
يقع السودان في الجزء الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا
يحده من الشرق إثيوبيا وإريتريا و من الشمال مصر وليبيا ومن الغرب تشاد وجمهورية
أفريقيا الوسطى ومن الجنوب دولة جنوب السودان. تبلغ مساحة السودان حوالي 1.882.000
مليون كيلومتر مربع وهو ثاني أكبر الدول الأفريقية.يتكون التراث الحضاري السوداني
من تشكيلات ثقافات محلية و وافدة على مر العصور جعلت من التركيبة السكانية
تركيبة متنوعة وغزيرة بإختلافاتها العرقية و الثقافية و اللغوية ...الخ.
أستقل السودان عن الحكم الثنائي المصري البريطاني في
الأول من يناير 1956 وإشتعلت فيه الحرب الأهلية منذ قبيل إعلان الإستقلال حتي 2005
عدا فترات سلام متقطعة، نتيجة صراعات عميقة بين الحكومة المركزية في شمال السودان
وحركات سياسية مسلحة في جنوبه وإنتهت الحرب الأهلية بالتوقيع على إتفاقية السلام
الشامل، بين حكومة السودان و الحركة الشعبية لتحرير السودان، و أصبح جنوب السودان
دولة مستقلة في عام 2011.أما في إقليم دارفور غربي السودان والذي يمثل حوالي
خمس مساحة السودان نشب نزاع مسلح منذ بداية فبراير 2003 و الذي راح ضحيته الآلاف
من الأرواح كما تعرضت أعداد كبيرة من سكان الإقليم للتشرد و النزوح بسبب الحرب
الدائرة حتى الآن.
في السنوات الأخيرة شهد السودان تحولات سياسية و
إقتصادية وإجتماعية ترجع جذورها إلى الشعور المتنامي بالإحباط تجاه الأوضاع
السياسية المتردية و البيئة الإقتصادية التي لا توفر فرص العمل والعيش الكريم و
المناخ الإجتماعي الممزق بسبب الحروب الاهلية و النعرات العرقية و القبلية. كما أن
السودان واحدة من الدول التي لديها سجل حافل بالإنتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان في
العالم ,و ذلك بدعم من الأجهزة الأمنية في البلاد، و الإطار القانوني للحكومة الذي
لا يوفر حماية للمواطنين/ات.و هذه الإنتهاكات تشمل بالضرورة الإنتهاكات المبنية
علي أساس الميول الجنسية و/أو الهوية الجندرية حيث يقع الكثير من العنف والاضطهاد
علي الأقليات الجنسية و الجندرية في السودان سواء من قبل الدولة أو المجتمع. و لا
تقوم الدولة السودانية بتوفير أي شكل من أشكال الحماية لأفراد المجتمع الكويري في
السودان ,وبدلا من ذلك تستهدف أفراد هذا المجتمع عن طريق تجريم الممارسات الجنسية
المثلية حيث ينص القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 علي تجريم الممارسات الجنسية
بالرضا بين أفراد بالغين من نفس الجنس . كما يحتوي القانون علي مواد فضفاضة تجرم
أي سلوكيات أو تعبيرات جنسية أو جندرية لا تتماشي مع السائد في المجتمع.
في السودان على المستوى الإجتماعي والقانوني العنف القائم
على أساس الميول الجنسية و /أو الهوية الجندرية مفرط جدا.حيث إزدادت الأوضاع سوءا
في المجتمع بسبب أسلمة جميع جوانب الحياة مع تعزيز و تأكيد أكثر
للأدوار الجندرية التقليدية للجنسين وسلوكهم/ن في الحياة اليومية. أن
المجتمع السوداني لديه تصورات حول مفاهيم مثل الأنوثة والذكورة وينظر الى أي شخص
غير مطابق لهذه التصورات علي أنه يشكل تهديدا لأمن وسلامة المجتمع ككل، وذلك
بالتأكيد يسمح للدولة بالمزيد من السيطرة على الناس و حياتهم اليومية من قبل
الأجهزة الحكومية مثل أجهزة الأمن و شرطة النظام العام.
و حيث يتعرض المجتمع المدني في السودان لقيود صارمة و
تجفيف لموارده البشرية و المادية فإن المجموعات أو الأفراد العاملين/ات على قضايا
الأقليات الجنسية و الجندرية يكافحون لإيجاد مساحات آمنة و فضاءات للنضال من أجل
الدفاع عن حقوقهم/ن ، وقد يتعرضون بسبب نضالهم/ن للمضايقات ,الترويع
,والإعتقال من قبل السلطات الحكومية و بالتالي فإن العمل علي هذه القضايا لا يلقى
الظهور و الإهتمام المناسب في الساحة السودانية. أما على مستوى المجتمع فإن
الثقافة الإسلامية المحافظة،و التصورات الإجتماعية المسبقة حول المثلية الجنسية و
التحول الجنسي أو الجندري تجعل من أفراد المجتمع السوداني أداة لإضطهاد الأقليات
الجنسية و الجندرية و تعمل علي تهميش دورهم/ن في المجتمع و إقصائهم/ن من المجالين
العام و الخاص. فمن الشائع جدا وسط الأسر السودانية أن تعامل أبنائها و بناتها
بقسوة و إضطهاد بسبب ميولهم/ن وهوياتهم/ن الجنسية و الجندرية و قد يصل ذلك للتبرؤ
منهم/ن في بعض الأحيان.
في حين أن بعض أفراد المجتمع المثلي/الكويري يستطيعون
مغادرة السودان من أجل الحفاظ علي أمنهم و سلامتهم و إيجاد واقع حياة أفضل ،الا أن
الكثيرين/ات لم يكونوا قادرين على ترك البلاد و بالتالي يجب عليهم/ن تحمل الإيذاء
البدني والنفسي، والعاطفي.
وبالنظر إلى أن معظم السودانيين لا يتقبلون المثلية
الجنسية و التحول الجنسي /الجندري وينكرون وجودها في السودان، والموضوعات المتعلقة
بالأفراد المثليين/ات أو العابرين/ات جنسيا و جندريا لا تتم مناقشتها في المجالات
العامة أو حتى الخاصة, فإن أفراد المجتمع الكويري في السودان يظلون غير مرئيين،
وأصواتهم/ن غير مسموعة. و من أجل سد الفراغ في مجال الإنتاج المعرفي المتعلق
بقضايا الأقليات الجنسية الجندرية في السودان تضافرت مجهوداتنا لتوثيق التراث
الشفاهي لأفراد هذا المجتمع من خلال جمع القصص و التصوير الفوتوغرافي في كتيب يوثق
لماضي هذا المجتمع و يبني مستقبله.
أن هذا الكتيب الذي يحتوي على قصص متنوعة عن
أفراد المجتمع الكويري في السودان الذين وجدوا الشجاعة والحافز لمشاركة قصصهم/ن و
نضالاتهم/ن اليومية كأقلية تعيش في بلد مثل السودان، فإن هذا الكتيب سوف يلعب دورا
هاما في نشر الوعي حول قضايا الميول الجنسية و الهوية الجندرية في السودان وسيعمل
على توثيق الإنتهاكات الإنسانية تجاه أفراد المجتمع الكويري في السودان وجعلها
متاحة للمشاركة و المناقشة للمهتمين/ات بدعم و مناصرة هذه القضايا في المستقبل.